• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الاستشراق والقرآنيون
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    نبذة في التاريخ الإسلامي للأطفال
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    عقيدة التوحيد، وعمل شياطين الشرك
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    الفلسفة الاقتصادية للاستخلاف في منظور الاقتصاد ...
    د. عبدالله محمد قادر جبرائيل
  •  
    منهج شياطين الإنس في الشرك
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    سيناء الأرض المباركة
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    استراتيجيات المغرب في الماء والطاقة والفلاحة ...
    بدر شاشا
  •  
    طب الأمراض التنفسية في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    الاستشراق والمعتزلة
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    زبدة البيان بتلخيص وتشجير أركان الإيمان لأحمد ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    مفهوم الصداقة في العصر الرقمي بين القرب الافتراضي ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    الخنساء قبل الإسلام وبعده
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (10) الرد ...
    محمد تبركان
  •  
    تفيئة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في الأحاديث النبوية سندا ومتنا
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / فكر
علامة باركود

محمد أركون و"علمنة" الإسلام

عبدالعزيز كحيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 12/1/2012 ميلادي - 17/2/1433 هجري

الزيارات: 34277

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

محمد أركون و"علمنة" الإسلام

(مادة مرشحة للفوز بمسابقة كاتب الألوكة الثانية)

 

يُعدُّ الجزائريُّ المتفرنس محمَّد أركون حلقةً قويَّة في سِلسلة "مفكِّرين" عرب و"مسلمين" معاصرين، يجمعُهم مشروعٌ كبيرٌ وضعوه أو وُضِع لهم يتلخَّص في نقض عُرَى الإسلام مِن الداخل بزعمِ التَّجديد والاجتهاد، وإعادة القراءة للوحي بطُرُق لا علاقة لها بأصولِ التفسير والفِقه المعروفة في الثقافة الإسلاميَّة، وهؤلاء عددٌ مِن المتشبِّعين بالقِيَم العلمانيَّة والأفكار التغريبيَّة المتبرِّمين مِن "التزمُّت" الإسلامي، ويُعرَفون بالتنويريِّين، مِن أبرز وجوههم: محمَّد أحمد خلف الله، ونصر حامد أبو زيد، وسيد القمني (مصر)، ومحمد شحرور (سورية)، وهشام جعيط وعبدالوهاب مدب (تونس)، ومحمد عابد الجابري (المغرب).

 

محمَّد أركون.. الإنسان:

مِن المناسب أنْ أُفرد كلماتٍ لشخص محمَّد أركون؛ ليتيسَّر للقارئ الإحاطةُ بفكره ومشروعه، وليس لنا مع شخصِه أيُّ عداوةٍ لا حيًّا ولا ميِّتًا، لكنَّ تناوله لدِيننا الحنيف بالنقد اللاذع يُبيح لنا أن نَتساءَل عن دوافعه وغاياته، ونبحثَ عن الإجابة في عُمق شخصه مِن غير أن نَحيدَ عن العدل؛ قال تعالى: ﴿ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى ﴾ [المائدة: 8].

 

1. تذكُر موسوعة "ويكيبيديا" أنَّ (محمد أركون) تربَّى عند "الآباء البيض"، وهذه معلومةٌ على جانبٍ كبير مِن الأهميَّة؛ لأنَّ هؤلاء تنظيم تنصيري مكَّنَتْ له فرنسا بعدَ احتلال الجزائر في 1830، وكان أغلب نشاطِه في منطقة القبائل التي وُلِد فيها أركون، وقد ركَّزت هذه الإرساليَّة على تلك المنطقة - لمزاعم ليس هذا مكان بسطِها - وحاربتِ الإسلام واللغة العربيَّة بضراوةٍ، وعملتْ على إحياءِ اللهجات المحليَّة؛ لتكونَ وحدها اللُّغةَ الأصليَّة للجزائر، وقد تَمكَّن الاستعمارُ الفرنسي من تخريج بعضِ الرِّجال والنساء المنسلِخين صراحةً أو خفيةً مِن دِينهم، شكَّلوا الآن أحزابًا سياسية وجمعياتٍ ثقافيةً تدْعو إلى "التحرر" مِن الإسلامِ والعربية، فلا يُستبعد أن يكونَ أركون ممَّن ربَّاهم الرهبان، وكوَّنوهم لضرب الإسلام "علميًّا"، مع العِلم أنَّ الرجل - وهو صاحِب كرسي الدِّراسات العربية بالسوربون - لم يكُن يكتُب إلاَّ بالفرنسيَّة (وبالإنجليزيَّة حسب قوله).

 

2. في أواخر سبعينيَّات القرْن العشرين ألَّف الطبيبُ الفرنسي موريس بوكاي كتابه: "القرآن والكتاب المقدَّس والعلم"، الذي حاكَم فيه الكتُب السماوية إلى الحقائق العلميَّة التجريبيَّة في جميع الميادين وخلُص بالأدلَّة التطبيقيَّة إلى أنَّ التحريف طال التوراةَ والإنجيل، بينما تتوافق الحقائقُ القرآنية مع آخِر ما قطَع العلمُ بصحَّته وثباته، وحقَّق الكتاب شهرةً عالميةً وتُرجِم إلى لُغات العالَم، لكن محمَّد أركون لم يرُقه ذلك، ولم يُسلِّم بما توصَّل إليه بوكاي مِن نتائجَ باهرةٍ، بل قال بالحرْف: "إنَّ بوكاي ألَّف هذا الكتاب تزلُّفًا للمسلمين"! فهو ينزع عنه أي قيمةٍ علميَّة ويُشكِّك في قصْدِ صاحبه لسببٍ واضح، هو رفضُه أيَّ شكلٍ مِن أشكال تعظيم القرآن ونُصرته؛ لأنَّ هذا سباحةٌ ضدَّ التيَّار الذي سلَكه طولَ حياتِه، وهو نزْع القدسيَّة عن كتابِ الله وعدَم تناوله إلاَّ لغرضٍ واحد هو النَّقد، وهذه النقطة تقودنا تِلقائيًّا إلى التي تليها.

 

3. هل كان أركون مسلمًا؟ بل هلْ كان مؤمنًا بأيِّ دِين؟

لعلَّ هناك مَن يستغرب طرحَ هذا السؤال عن رجلٍ يحمل اسم النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - وهو ابنُ بيئة عربيَّة إسلاميَّة، وهو أكاديميٌّ يُدرِّس الإسلام في الجامعات، ويَكتُب حولَه طوالَ خمسين سنةً، ويَجدُر بي أن أوضِّح أنَّه لا يَعنيني مطلقًا الحُكم على الرجل بالإيمان أو الكُفر، فالله حسيبُنا وحسيبُه، ولكن أُريد من خلال هذه القضيَّة الإشارةُ إلى خُطورة الخطَّة التي اعتمدتْها الأوساطُ المعاديةُ للإسلام التي اقتضتْ منذ فترة ضرْبَ دِين الله من الداخل بأيدي "علماء مسلمين"؛ للتعمية على النشاط الاستشراقي الذي أفَلَ نَجمُه، أو كاد بعدَ أخْذ المسلمين الحيطة منه، ومحمَّد أركون يُمكِن أن نتلمس علاقتَه بالدِّين مِن خلال أفكارِه وإنتاجه، فهو صاحبُ فِكرٍ ماديٍّ بحت يؤمِن بالتفسير المادِّي ليس للتاريخ فحسب، وإنَّما للدِّين الإسلاميِّ بالذات، لكن لقطع أيِّ ظنٍّ باليقين أنقُل شهادة تلميذه وصديقه شديد الإعجاب به - رشيد بن زين - الذي يقول: "لقدْ رَفَض (أي أركون) دائمًا الإجابةَ عن هذا السؤال: هل أنتَ مؤمِن؟ وقبل أيَّام مِن وفاته قال لي: "لا أحبُّ أن يُطرَحَ عليَّ هذا السؤال"!

 

هذا هو الرجلُ الذي كان يزعُم - وما زال أتباعُه يزعمون - أنَّه يريد الخيرَ للإسلام مِن خلال تجديدِه وإعطاءِ الفَهم الصحيح عنه؛ لأنَّ جميعَ المنتمين إليه لم يضطلعوا بهذه المهمَّة، أو لَم يوفَّقوا فيها طوالَ هذه القرون!

 

وذكرني هذا بموقف نصر حامد أبي زيد الذي قيد للمحكمة بتهمة الردة، ورفض إجابة محاميه الذي طلب منه أن يصرح في الجلسات أنه مسلم.

 

4. كتَب الدكتور يحيى بوعزيز الأستاذ بجامعة وهران - رحمه الله - مقالاً في جريدةٍ جزائريَّة واسعةِ الانتشار مقالاً ذَكَر فيه أنَّه كان في مؤتمر دَوليٍّ حولَ الإسلام في بلدٍ أوروبيٍّ، ورأى محمَّد أركون يحاضِر في الإسلام، ثُمَّ "يشرب الخمرَ في فتراتِ الاستراحةِ ويَستزيد منها"، وكان أركون على قيْدِ الحياة أثناءَ نشْر هذا المقال، وانتظرتُ أن ينفي مضمونَه، لكنَّه لم يفعلْ، ممَّا يُضفي المصداقيَّةَ على كلام د. بوعزيز الذي لم نُجرِّب عليه كذبًا!

 

فهلْ يحتاج هذا إلى تَعليق؟

 

5. رغَم أنَّ محمَّد أركون "مسلم" وامرأته أيضًا (وهي مغربيَّة)، لكنَّه سمَّى ابنته "سيلفي" Sylvie، وهو اسم فرنسيٌّ مسيحيٌّ، ممَّا يشير إلى انتمائِه الحقيقيِّ نفسيًّا ووجدانيًّا، وليس فِكريًّا فقط.

 

6. في سنة 2003 شكَّل الرئيس الفرنسيُّ جاك شيراك لجنةً للنظر في حظْر ارتداء الحِجاب، هي "لجنة ستازي"، وعيَّن فيها عضوين مسلمين اثنين، أحدُهما امرأة لا ترتدي الحجاب (هي حنيفة شريفي)، والآخر محمَّد أركون الذي يُنكِر أحكامَ الشريعة كلَّها، ويَعتبر الزيَّ الشرعي عادةً بالية ورمزًا للتخلُّف، وكانتِ النَّتيجة إجماعَ اللَّجنة على منْع ارتدائه باعتبارِه مِن "المظاهر الدينيَّة"، وكانتْ عضوية أركون بردًا وسلامًا على الحكومة الفرنسيَّة؛ لأنَّه "مسلم وعالِم متبحِّر في الدين"!

 

غايات فكر أركون:

ليس الإسلام الذي يتناوله أركون هو الدِّين الذي نعرِفه، لكنَّه شيءٌ لا قُدسيةَ لمصادره ولا ثباتَ لأحكامه ولا نِسبةَ ربانيَّة له؛ لذلك يجب أن يَخضعَ للنقد كأيِّ تراث، فالقرآن ليس وحيًا كما هو متوارث، بل هو نصٌّ أسطوريٌّ mythique تاريخيٌّ تحوَّلتْ معانيه وبُدِّلت بفعلِ تناول الفِكر الإنساني - وممارسة المسلمين الأيديولوجيَّة - لها، فلم يعُدْ نصًّا دِينيًّا أصيلاً، بل أصبح إنتاجًا إنسانيًّا، وهكذا يجب التعامُل معه، بذلك يسعَى أركون إلى غرَضٍ كبيرٍ مِن أغراض الاستشراق والتغريب، هو "أنسنة" الإسلام، وخلْع الصفة الربانيَّة عنه.

 

وقدْ تَكرَّرت في كتابات الرجل عباراتٌ واضحة جليَّة، يُعبِّر فيها عنِ انزعاجه البالِغ مِن تعظيم القرآن وتقديسه، واعتباره معجزًا وخالدًا، ويعدُّ كل ذلك "إشادةً دِفاعيَّة عنه"، وتحنيطًا عاطفيًّا له، ودليلاً على التحجُّر والتزمُّت والجموح العاطفي.

 

إنَّ مِن أهمَّ ما يهدِف إليه أركون في كتاباته - كما يقول محمَّد بن حامد الأحمريُّ - نزْعَ الثقة مِن القرآن الكريم وقداستِه، واعتباره نصًّا أسطوريًّا قابلاً للدراسة والأخْذ والردِّ، وهو يُغالِط كثيرًا في معنى كلمة "أسطورة"، لكنَّه يُحمِّلها معانيها الأصلية التي تُشير إلى الخرافة والأسطورة والوضْع الإنساني، والقرآن - بزعمِ أركون - لم يصلْنا بسندٍ مقطوع الصحَّة؛ لأنَّه لم يُكتب كلُّه في حياةِ الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - بل كُتبتْ بعضُ الآيات، ثم استكمل العمل في كتابة القرآن بعدَ وفاته، وهذه مِن المغالطات التي يَسوقها أركون ويخلط فيها بين قَضيتَي الجمع والكتابة، بعدَ ذلك يُشكِّك في القصص القرآني - في نفْس السياق الذي بدأه طه حسين - ويرى أنَّ التاريخَ الواقعيَّ المحسوس هو الذي يُحاكَم إليه القرآنُ، فالأخبارُ والآثار التاريخيَّة هي وحْدَها الموثوقة، ولنقرأ له هذا النصَّ الذي تَكرَّر نظيرُه في مؤلَّفاته:

"يَنبغي القيامُ بنقدٍ تاريخي لتحديدِ أنواع الخلْط والحذْف والإضافة، والمغالطات التاريخيَّة التي أحدثتْها الرواياتُ القرآنية بالقياس إلى مُعطياتِ التاريخ الواقِعي المحسوس".

 

ويرَى أنَّ القرآنَ عملٌ أدبيٌّ لم يُدرسْ كما يجِب إلاَّ مِن قِبَل قلَّة مِن أمثال "محمد أحمد خلف الله" - وهو شيوعيٌّ مصري معاصِر - عندما كتَب عن القصص الفنِّي في القرآن، وقال: إنَّ القصَّة القرآنيَّة مُفتَعَلَة، ويقول عن كتاب الله: "إنَّ القرآن - كما الأناجيل - ليس إلاَّ مجازاتٌ عالية تتكلَّم عنِ الوضع البشَري، وهذه المجازات لا يُمكِن أن تكونَ قانونًا واضحًا، أمَّا الوهمُ الكبير فهو اعتقادُ الناس - اعتقاد الملايين - بإمكانية تحويلِ هذه التعابير المجازية إلى قانون شغَّال وفعَّال، ومبادئ محدودة تُطبَّق على كلِّ الحالات وفي كلِّ الظروف".

 

ويقول في موضع آخر:

"إنَّ المعطياتِ الخارقةَ للطبيعة، والحكايات الأسطوريَّة القرآنيَّة، سوف تُتلقَّى بصفتها تعابيرَ أدبية؛ أي: تعابير محوَّرة عن مطامح ورُؤى وعواطف حقيقيَّة، يمكن فقط للتحليل التاريخيِّ السوسيولوجيِّ والبسيكولوجيِّ اللُّغوي - أن يعيَها ويكشفها".

 

مكانة السُّنَّة عنده:

لا تقلُّ جرأةُ أركون في التشكيك في ثبوتِ القرآن الكريم عن جُرأتِه في إنكارِ السنَّة النبويَّة، والزعم بأنَّ الظروفَ السياسيَّة وأوضاع المجتمعات التي انتشر فيها الإسلامُ احتاجتْ إلى أحاديثَ، فاختلقتها لتدعِّم مواقفَها السياسيَّة والمذهبيَّة، ويرى - تماشيًا مع منهجه الثابت - أنَّ الحديثَ جزءٌ مِن التراث، ويجِب أنْ يخضعَ للدِّراسة النقديَّة الصارمة مِثل كلِّ الوثائق والمواد الموروثة كما يُسمِّيها، ثم يقول: "وبالطبع، فإنَّ مسيرةَ التاريخ الأرْضي وتنوُّع الشعوبِ التي اعتنقتِ الإسلام قد خلقَتْ حالاتٍ وأوضاعًا جديدةً ومستحدثةً لم تكن متوقَّعة أو منصوصًا عليها في القرآن، ولا في الحديث، ولكي يتمَّ دمجُها وتمثُّلها في التراث لَزِمَ على المعنيِّين بالأمر أنْ يُصدِّقوا عليها ويقدِّسوها؛ إمَّا بواسطة حديث للنبي، وإمَّا بواسطةِ تقنيات المحاجَّة والقياس"، فالحديث - عندَه - كالقرآن شأنٌ إنساني بحتٌ تُصاحِبه النيَّاتُ السيِّئة!

 

الأسلوب والوسائل:

ملأ أركون الدنيا وشغَل الناسَ بحديثِه المتكرِّر عن نقْدِ العقل الإسلامي - ويقصد بوضوحٍ لا لبسَ فيه الإسلامَ ذاته كدين - وأعلن أنَّ ذلك لا يتمُّ إلاَّ باعتمادِ أدوات النقد الحديثة؛ أي: التي أنتجتها الثقافةُ الغربيَّة العلمانيَّة، المتَّصلِة بالعلوم الإنسانيَّة والاجتماعيَّة، وعلى رأسها اللسانياتُ والتاريخ وعِلم النَّفْس والأنثروبولوجيا قصد "فتح أقفال التراث الإسلامي التي ما زالتْ مُحكمةَ الإغلاق مِن طرَف علم كهنوتي مقدَّس يحول دون الكشفِ عن وجهِه المعرفي" على حدِّ تعبيره، ويُضيف: "لا يمكن تناوُلِ التراث الإسلامي عَبْر أدوات بالية موروثة عن الدِّراسات الإسلاميَّة الكلاسيكيَّة".

 

والحقيقة أنَّ أركون يهوِّل أمْرَ النقد ووسائله، لكنَّه يعمد فقط إلى المراوغات اللفظيَّة وحِيَل التعبير ليمرِّر قناعته الراسخة بضرورةِ علمنة الإسلام و"أنسنة" الدِّين، وكثيرًا ما يُبدي إعجابَه بالمسيحيَّة التي وُجد فيها مَن تحرَّر مِن الدغماتية واقتَحم ميدانَ النقد الجذري لها كأنَّها مادَّة بحثٍ عادية يجوز الخوْض فيها؛ لأنَّها شأن إنساني، وهو ما لم يحدث في الإسلام بسببِ المفسِّرين والفقهاء والمحدِّثين والأصوليِّين الذين فرَضوا عليه الجمودَ والتحنيطَ لأسبابٍ أيديولوجيَّة ومصلحيَّة، وحالوا دون تطويرِه وتقويمِه وَفقَ معايير علميَّة معرفيَّة موضوعيَّة!!

 

خلاصة:

يُلاحِظ الدارسُ أنَّ أعمالَ أركون ليستْ تجديدًا ولا اجتهادًا ولا بناءً، إنَّما هي النقدُ الهدَّام للدِّين ذاته، فهو يَستبعِدُ الإيمان نهائيًّا، ويلغي بذلك البُعدَ القيمي والأخلاق في حياةِ المسلمين، ويستبدل به - في النهاية - التفسيرَ الماديَّ الذي يَستصحِبُ "الأنسنة" المطلَقة حتَّى للأخلاق والوجدان، كما يَستصحِب "علمنة" الحياة الاجتماعيَّة والسياسيَّة للمسلمين؛ لأنَّه لا يتبقَّى بعدَ نقدِه اللاذع "العلمي" للمصادر المؤسَّسة للإسلام أيُّ حقائق ولا معانٍ دينيَّة، فالقرآن والإنجيل - كما يقول ويؤكِّد ويكرِّر - في مستوًى واحد مِن الثبوت والدِّراسة، وهما محلُّ شكٍّ وجحود، فماذا بقِي سوى العدَم؟ إذ كيف لدِينٍ مطعونٍ في ثبوته ونسبته السماويَّة - فضلاً عن أحكامه - أن يُنظِّم حياةً بشريَّةً معقَّدة؟!





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • دراسة فكر الدكتور محمد أركون (1)
  • وقفات مع محمد أركون من خلال إنتاجه وفكره (2)
  • محمد أركون.. ومأزق البحث الوجودي
  • أبعاد التخريب العلماني: محمد أركون أنموذجا
  • قراءة في "الفكر العربي" لمحمد أركون

مختارات من الشبكة

  • التعليقات الكافية في ضبط الوافية نظم الشافية لقوام الدين محمد بن محمد السيفي القزويني (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • تبصير أولي الألباب بسيرة الرسول في سؤال وجواب لمحمد محمد محمد شبانة(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • ديوان العلامة محمد البشير الإبراهيمي المسمى: المورد العذب النمير من أشعار العلامة محمد البشير (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • من مآثر الشيخ محمد المختار بن محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • لباب الإعراب لمؤلفه تاج الدين محمد بن محمد بن أحمد الإسفراييني المتوفى سنة 684 هـ (PDF)(كتاب - موقع الدكتور بهاء الدين عبدالرحمن)
  • مسلسل الأولية رواية الصدر محمد بن محمد بن إبراهيم الميدومي (664-754)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • اللهم صل على محمد وعلى آل محمد (بطاقة دعوية)(كتاب - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • مخطوطة حديث أبي منصور محمد بن محمد بن عثمان السواق(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة فوائد أبي محمد عبدالله بن محمد بن جعفر بن حيان أبي الشيخ(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة جزء فيه حديث ابن صاعد أبي محمد يحيى محمد(مخطوط - مكتبة الألوكة)

 


تعليقات الزوار
9- رد على تعليق رقم 7
الدكتور وعد سعيد 02-01-2024 04:04 AM

إن الأستاذ لم يتجاوز العلمية والحياد في نقده لفكر أركون ابدا اركون فعلا متهما في دينه وفقا لنصوصه التي احتوتها كتبه فإنه يقول بصريح العبارة إن القرآن أسطورة ولا يعتقد نهائيا بأن أصل القرآن إلهي كما أن رجل اشرف على تربيته وتكوينه إرسالية الآباء البيض وهم منصرون فرنسيون وكان لهم تأثير بالغا عليه باعترافه هو حتى قال بأنه وجد الحياة بدونهم كأنها صحراء كذلك وهو تربى ونشأ في قرية يقطنها مع هذه الإرسالية التنصيرية المستعمرون الفرنسيون الذين تاثر بهم وحين ذهابه إلى باريس أشرف على الاعتناء به المستشرق والجاسوس الفرنسي ماسنيون الذي كان يعمل في استخبارات المستعمرات الفرنسية في الجزائر وهو الذي تولى ترتيبه في باريس وأوصى بدخوله للسوربون لإكمال دراساته العليا كما أن الرجل يصرح بما لا يدع مجالا للشك أنه لا يؤمن بأي شيء يمت للإسلام كعقيدة لسنا هنا في مجال العاطفة عليك أن تقرئي جيدا عن مشروعه الذي أراد به تطويع الإسلام للنظريات الحداثية وقطعه عن مصادره والرجل ملحد وهو فرانكفوني إلى العظم وهو أحد عساكر الفكر الغربي وبيادق المشروع الاستعماري أما بشأن الدكتور موريس بوكاي رحمه الله الطبيب الفرنسي فأنت قلت أنه مسيحي بينما هو مسلم واعتنق الإسلام قبل نحو ربع قرن وله كتاب رائع وهو القرآن والإنجيل والتوراة في ضوء العلم الحديث يدافع فيه عن القرآن والإسلام بينما انتقده أركون واتهمه بالسذاجة لأنه يدافع عن القرآن لآن موريس بوكاي رد عليه وفند اقواله في الطعن بالقرآن هذا هو أركون وهذه هي حقيقته والله من وراء القصد.

8- الرد على أكاذيب هدا المتبختر
توبة - الجزائر 13-02-2013 08:22 PM

يقال أنه بحث بحثا متعمقا في القرآن والسنة والدين الإسلامي ككل لكنه ربما لم يفهم معاني هذه الأخيرة كما أن القرآن الكريم لم تجمع منه بضع آيات في عهد النبي (صلى الله عليه وسلم) كتابة كما قال ولكنه جمع بالحفظ في الصدور وهذه وحدها معجزة

7- محمد أركون و"علمنة" الإسلام
فتيلينة بالخير - الجزائر 11-10-2012 01:16 AM

في بادئ الامر اريد ان اشكرك على هذه المقالة ثم اريد ان انبه الى في بداية المقال عطيت نبذة عن حياة الدكتور محمد اركون وكأنك تتهمه في دينه اريد ان اذكر بهذا الحديث حديث أُسامَةَ بْنِ زَيْدٍ رضي الله عنهما قَالَ: بَعَثَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلى الْحُرَقَةِ فَصَبَّحْنَا الْقَوْمَ فَهَزَمْنَاهُمْ، وَلَحِقْتُ أَنَا وَرَجُلٌ مِنَ الأَنْصارِ رَجُلاً مِنْهُمْ، فَلَمّا غَشِينَاهُ قَالَ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ، فَكَفَّ الأَنْصارِيُّ عَنْهُ، وَطَعَنْتُهُ بِرُمْحي حَتّى قَتَلْتُهُ؛ فَلَمّا قَدِمْنَا، بَلَغَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقالَ: (يا أُسامَةُ أَقَتَلْتَهُ بَعْدَما قَالَ لا إِلهَ إِلاَّ اللهُ، قُلْتُ كَانَ مُتَعَوِّذًا؛ فَما زَالَ يُكَرِّرُها حَتّى تَمَنَّيْتُ أَنّي لَمْ أَكُنْ أَسْلَمْتُ قَبْلَ ذَلِكَ الْيَوْمِ). ثم تذهب وتستدل الطبيبُ الفرنسي موريس بوكاي وعلى ما أعتقد هذا الطبيب مسيحي وأنت قد شككت في نوايا أركون في تجديد الدين بمجرد أنه تربي في قرية مسيحية واتهمه أحد بشرب الخمر وهذا الشخص الذي اتهمه أنت لا تعرفه ولم تجتمع معه أراك مغتاظ من اأكون أنه لم يعجبه كتاب هذا الطبيب أنت تري أن نقد الدين عند الدكتور أركون هدام هذا يبقى رأيك أنت لكن لا يتعدى إلى تكفيره أو تتهمه في دينه بالتصريح أو التلميح أما الدكتور محمد أركون فقد اجتهد في إطاره متبع مناهج علمية حديثة ظنا منه أنها ستعود على المنفعة على الأمة بالخير ورحم الله الدكتور

6- يوجد كثير من امثاله في الجزائر
Bouras Mohamed Amine - Algerie 06-09-2012 10:34 PM

نعم صحيح و مقال رائع
نحن في الجزائر و خاصة في العاصمة و المدن الكبرى تجد كثير من بعض المثقفين على شاكلة فكر محمد أركون.
و أنا أعرف رجل في الستينات كان مديرا تنفيديا في مؤسسة وطنية و هو بحر في المعرفة و ذو شخصية قوية و مال و جاه و مكانة اجتماعية محترمة و مسموع رأيه... كنت أجالسةه كثيرا لأننا كنا نشترك في حبنا لعلم الفلك فكان يشرح لي بعض المظاهر الفلكية المعقدة.. هذا السيد له نفس الأفكار التي ذكرها صاحب المقال عن أركون و كنت دائما أتحسر عليه و أغتاظ دون أن أظهر و أحاول اقناعه بالعكس لكن أنى لي ذلك مع بحر في المعرفة.
و المدهش أنه يعرف أمور دقيقة جدا في الشريعة و لا يركز إلا على الشبهات ... أتمنى له الهداية ولغيره

5- محمد أركون
بوبكر قليل - الجزائر 30-06-2012 12:15 PM

تحياتي ...مبارك بالجائزة نتمنى أن تكون في المرة القادمة فارس الميدان وفارس اللسان وأنت الحارث الهمام ....أبوبكر الجزائر شرقا

4- بين فكر النور و فكر الظلام
يحي نوري - الجزائر 25-06-2012 09:12 PM

مقال قيم ونقد في المستوى
يدل على غزارة ثقافتك وعمق فهمك وتدينك السليم
و إيمانك الثابت يا أستاذ عبد العزيز أعزك الله،بورك فيك وأصلح لك شؤونك وجعلك من خيرة من يكتب عن التاريخ الإسلامي و عظمائه والرد على من سولت له نفسه النيل من تراثنا الحضاري وتاريخنا المجيد من قرآن وسنة
وسيرة الصحابة والتابعين و أعلامنا الأفاضل...تقبل الله منك وجعل كل حرف تكتبه في سبيل نشر الحقيقة الإسلامية والذود عن حمى الدين والرد على خزعبلات الماكرين والمارقين في الميزان يوم توضع الموازين...أخوك يحي سطيف

3- و يدعونه "المفكر الإسلامي الكبير" !
عبدالله - المغرب 29-01-2012 04:19 PM

بارك الله في الأستاذ عبد العزيز كحيل على مقالاته الشيقة.
أما عن أركون فأكثر ما أثار عَجَبي وصفُه في وسائل الإعلام هنا في المغرب (على الأقل) بالمفكر الإسلامي بعد وفاته وعند بث دفنه (في مدينة الدار البيضاء إن لم تخنِّي الذاكرة) في نشرات الأخبار.وهذا مثال على التردي الذي وصلنا إليه, إننا نعيش حقا السُنونَ الخداعات التي أخبر عنها الرسول صلى الله عليه و سلم.
ثم إن هؤلاء "المفكرين" يشبهون ما يعرف في التاريخ الإسلامي بالباطنية بل هم أسوء.
{وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ}

2- ARKOUN et la laicité
nadji abdenacer - ain-beida algerie 14-01-2012 11:30 PM

Je vous remercie Mr KAHIL pour l'occasion que vous me donner pour parler de Mohamed Harkoun que je ne connais que partiellement,mais l'islamologue Tunisien MOHAMED TALBI critique sévèrement et considère que ARKOUN a mené sa vie entière à la destruction des édifices du coran et à le dénoncer comme un livre de violence menaçant la paix humaine.ARKOUN propose une SUBVERSION de la pensée islamique qui lui permettrait de rejoindre le monde moderne et la LAICITé comme vous l'avait si bien souligné dans votre exposé.IL propose à ce propos un processus par lequel les valeurs et principes de la pensée islamique soient contredits ou renversés.Mais la ou il doit bien avoir raison c'est lorsqu'il dit:"Les échecs des pays arabes,ont commencé dés le lendemain de leur indépendance.Partout se sont imposés des régimes policiers,militaires,souvent coupés des peuples,privés detoute assise nationale,indifferents ou ouvertement hostiles à tout ce qui peut favoriser l'expansion,l'enracinement d'une culture démocratique."Mais la c'est une autre histoire.
شكرا جزيلا استاذنا الكريم عبد العزيز كحيل و مزيد من العطاء.

1- محمد أركون و"علمنة" الإسلام
محمد الهادي - عين البيضاء ـ أم البواقي ـ الجزائر 13-01-2012 11:52 PM

شكرا جزيلا للأستاذ عبد العزيز كحيل على هذه الاستنارة للكاتب محمد أركون الذي حقيقة لا أعرفه جيّدا من خلال كتاباته ومايحكى عنه وبهذه الكتابة النيرة كان لي رأي شخصي للحكم على السيد من خلال الكتابة والإتجاه الفكري فبارك الله فيك على هذه الاستنارة الفكرية ............والمزيد من المقالات

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 21/11/1446هـ - الساعة: 14:30
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب